صورة مقطعة تظهر أكبر لوحة من الأسلاك والمسامير عن قرب وعن بعد

انتشر الحرّاس الإثني عشر لبوابات بابل الأثرية في المتاحف داخل العراق وخارجها بينما طال الدمار بعضها الآخر. إلا أن هذه الرموز بقيت شاهداً من "مهد الحضارة" بعد أن بعثرت السنون كثيراً من بقايا الإمبراطورية الآشورية القديمة.

لذا سعى الفنان العراقي علي الراوي، لاستعادة الرمز التاريخي لـ "الثور المجنح المقدس" من خلال الرقم القياسي العالمي لأكبر رسمة من الأسلاك والمسامير في العالم بأبعاد 203.76 متر مربع.

وتمتد هذه اللوحة العملاقة على ما يعادل مساحة ركن 15 سيارة تقريباً، واستغرق العمل عليها عاماً كاملاً، بين 25 أغسطس 2021 و25 أغسطس 2022.

@gwrarabic

أكبر لوحة من الأسلاك والمسامير 🔩🖼️ 203.76 متر مربع من قبل علي الراوي في الانبار، العراق

♬ original sound - Guinness World Records Arabic

وتطلبت اللوحة نحو 89 ألف مسمار، و250 كيلوجرام من النحاس الصافي المشكل بأسلاك بلغ طولها 35,714 متر موزعة على 18 لوح خشبي.

وانطلق مفهوم الثور المجنح من الإمبراطورية الآشورية القديمة التي انتشرت في "مهد الحضارة"، وهي الأماكن المشهود لها بأنها مولد الحضارة في ثقافات أوروبا الغربية والشرق الأوسط. حيث اشتهرت الثقافة الآشورية بنحت تماثيل عرفت بـ"الثيران المجنحة"، وتتكون من رأس إنسان على جسد ثور بجناحين، وقد أصبحت هذه الثيران رموزاً وأيقونات لهذه الحضارة التي اندثر كثير من معالمها.

ويذكر كتاب "العراق القديم" لمؤلفه "جورج روكس" أن الثور المجنح ذو الارجل الخمسة هو أكثر رموز الآثار التي تحمل صفات قدسية في الحضارة الآشورية والتي جاءت من الثور المقدس الذي عقره "كلكامش" و صديقه "انكيدو" في رحلة البحث عن الخلود، وأن ما يميّز المقدس منها هو القدم الخامسة التي اُضيفت كصفة للقوة والتفرد.

ويعمل علي الراوي كمعاون طبيب في مدينة الرمادي في محافظة الأنبار العراقية، وهو فنان يرسم بالرصاص عادة إلا أن صدفةً جمعته بفن الرسم بالأسلاك حيث شاهد عملاً في العام 2016 لفنان ألماني يستخدم هذه الوسيلة. وبعد بحث طويل، لم يجد ما يساعده على تعلم هذا الفن عبر الإنترنت، فسعى إلى ممارسته بنفسه.

صورة لعلي الراوي في العراق وهو أمام أكبر لوحة من الأسلاك والمسامير في العالم

ويقول: "رسمت شراعاً في البداية وتنقلت بعدها في رحلة طويلة في تغيير المواد المستعملة من المسامير بأنواعها والأسلاك. اخترت أخيراً أسلاك النحاس ومسامير بقياس 1 انش ذات رؤوس صغيرة لكي لا تؤثر على شكل العمل، وهذه المواد تؤهل العمل ليكون بمثابة نصب عازل للحرارة والرطوبة والخدش لأن الخشب أيضاً يتم طلاؤه بثلاث مواد لهذا الغرض".

عمل علي بشكل حثيث على مدار عام كامل واضطر إلى تغطية أبعاد اللوحة بشكل كامل بالأسلاك ليتلاءم مع الشروط الصارمة لكسر الرقم القياسي العالمي. كما قام في مناسبات عدّة بنقل اللوحة واستصدار موافقات لرصفها في ساحات العراق للقيام بعمليات القياس النهائية والتصوير.

ولعل ما يثير الدهشة حول مفهوم هذه المنحوتات الصخرية هو كونها منحوتة على قطعة صخرية واحدة، أي أنها لم تخضع للتركيب الصخري في إنجازها، وهو ما يجعلها مميزة للغاية.

صورة جوية لأكبر لوحة من الأسلاك والمسامير

ويضيف علي: "هذا هو أكبر إنجازات حياتي. لقد حفّ هذا العمل كثير من المشاعر المتضاربة، وأتذكر جيداً كيف حاصرتني ضغوط الحياة خلال إنجازه حتى أنني عملت وأنا أبكي أحياناً".

ويؤكد: "كانت لحظة معرفتي بالنتيجة مؤثرة للغاية، قطعت أميالاً طويلة من محافظات بعيدة للوصول إلى أهلي وإعلامهم بالخبر شخصياً. لقد توّج لقب غينيس للأرقام القياسية مسيرة أعوام من التدريب والمثابرة، وأنا ممتن للغاية".

وتدور فكرة الثور أن من يراه من الأمام يهابه لوقوف الثور أمامه في وضع الاستعداد، أما من يراه من الجانب فيكون الثور في طور الحركة وبذلك يصعب اصطياده وهو دليل على أنه صعب المنال، حيث يوضع عند البوابات لحمايتها وإثارة الرعب بالأعداء من بعيد.

تعرفوا على المزيد من غينيس للأرقام القياسية باللغة العربية، يمكنكم قراءة المزيد من مقالاتنا الإلكترونية.

أو الاطلاع على وسائل التواصل الاجتماعي: