The fastest crossing Lebanon on foot is 1 day 15 hr 49 min and was achieved by Ali Wehb

لعل مقولةَ "من رحمِ المعاناةِ يولدُ الأمل" ظلت تشكل حيزاً من الكلامِ الشاعري إلى أن تعرّفنا إلى قصة علي وهبي – المغامر اللبناني الذي ألهمه مرضُ أمه ووفاتها بالسرطان إلى تجاوز حدود الممكن ليصبح أيقونةً يحتذى بها في مجال العمل الإنساني. جاعلاً من فقده لإمه منارةً لدربٍ طويل من العطاء ومساعدة الآخرين.

وهبي الذي الذي ركض في مختلف أصقاع الأرض على مدار 15 عاماً، وهب حياته للفت أنظار العالم إلى المصابين بالأمراض المعضلة ودعمهم وحث المجتمعات على التعاون معهم. فمن بلدة الناقورة بلبنان، وتحديداً بين 31 مارس و2 أبريل 2018، استطاع علي كسر رقم غينيس للأرقام القياسية لأسرع وقت لعبور دولة لبنان سيراً على الأقدام والذي بلغ يوماً واحد اً و15 ساعة و49 دقيقة – إكراماً للمرضى المصابين بطيف التوّحد تزامناً مع اليوم العالمي للتوحد، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثاني من أبريل من كل عام.

بدأ علي وهبي مسيرته الرياضية يومَ لفظت أمه الروح بين يديه عقب معاناة مع مرض السرطان. كانت البداية بكرة السلّة – التي احترفها شاباً في فرنسا – وكانت له النقلة الإيجابية لما تبعها من انجازات، ثم ما لبث أن انتقل إلى رياضة سباقات الصحراء ليصبح ما تبقى مجرّد معركة ضارية مع الحياة وتاريخٍ حافلٍ بالإنجازات.

وقال علي: "كان أول سباقٍ شاركت به هو ماراتون الرمال في المغرب عام 2006 قطعت خلاله نحو 250 كلم وسط الصحراء المغربية، كنت قد وصلت خط النهاية في المركز 125 بين 900 منافس من 70 دولة. إلا أن نقطة التحول كانت عندما نجحت في العام 2007 بالحصول على الميدالية البرونزية في سباق الصحراء المصرية بعد مشاركتي الثانية فيه".

وأضاف: "كانت لي مشاركة في سباق جبال الألب عام 2008، قطعت خلاله مسافة 300 كلم. بداية هذه الرحلة كانت من المانيا باتجاه النمسا وصولاً إلى ايطاليا عبر طرقات جبلية وعرة وشاقة مواجهاً الرياح العاتية والبرد القارس".

Fastest Lebanon crossing on foot

قطع وهبي لبنان خمس مرات جرياً على الأقدام آخرها كانت على مدار الحدود اللبنانية لمدة 14 يوماً دعم من خلالها بنوك الدم والصليب الأحمر اللبناني. ثم اتخذ قراره أخيراً في التقدم لتحدٍ ذو مستوىً عالمي، سعياً لكسر الرقم العالمي في غينيس للأرقام القياسية، حيث قطع مسافة 224,3 كلم من العريضة شمالاً إلى الناقورة جنوباً، في رحلة لم تتعد الـ 40 ساعة محطماً الرقم القياسي السابق البالغ (96 ساعة).

وعن هدفه تحدث وهبي: "هدفي كان ولايزال التعريف بمعاناة هؤلاء وغيرهم من المصابين بأمراضٍ مختلفة. أردت أن أذكر الجميع بهؤلاء والتأكيد على أنهم جزءٌ من المجتمع وأن لهم خصوصية لا نقص عن باقي البشر".

مرّ وهبي بمعالم بارزة في لبنان أُضيئت باللون الأزرق كجزء من حملة #LightItUpBlue لرفع الوعي تجاه مرض التوحد، وأهمها قلعة طرابلس، وصخرة الروشة، وقلعة صيدا ومنطقة صور التراثية.

Fastest foot crossing of Lebanon

وأضاف: "بدأت من العريضة على الحدود اللبنانية باتجاد طرابلس، ومنها إلى البترون ثم جبيل، فبيروت والدامور، مروراً بصيدا وصور، وصولاً إلى الناقورة في الجنوب اللبناني".

ويبدو أن هذا التحدي الشاق لم يكن اختباراً كافياً من حياةٍ حافلة بالمفاجآت، فقد تعرّض علي لوعكة صحية منذ انطلاقة المغامرة، تبين أنها نجمت عن تسممٍ غذائي، الأمر الذي أثر في مجهوده الحيوي، ليهدر نحو ساعتين نتيجة توقفه للعلاج. اضطر وهبي لتغيير مساره بسبب بعض المهرجانات الانتخابية التي تزامنت مع الحدث في طرابلس. إلا أنه في المقابل لاقى مواكبة ومؤازرة من مؤسسات الدولة والأفراد، التي شكلت على حد تعبيره "اطمئناناً ودفعةً شجعته على مواصلة هذه الرحلة المحفوفة بالتحديات".

وأضاف: "في اللحظة التي تعلن فيها تحدياً للحياة، تضعك هي بدورها في تحديات أكثر صعوبة. تحلّوا بالصبر دائماً ولا تفقدوا الأمل، فمهما واجهتم من صعوبات، فلن تكون إلا أحداثً طارئة، وستؤول إلى زوال. إن أكثر ما يجلب إلى قلبك الطمأنينة هو رؤية من يشاركونك هدفك، كلٌ يساهم بحسب استطاعته سعياً لتحقيق هذا الهدف".

Fastest crossing Lebanon foot

وقال وهبي: "أهدي هذا الرقم القياسي إلى هؤلاء الغارقين في العزلة، وكل من يتعامل مع طيف التوحد من العائلات والمنظمات التي تقدم الدعم للبحث والعلاج وكل من كان عليه له تأثير أو اتصال بشكل مباشر وغير مباشر".

لن يكون هذا هو الفصل الأخير من قصة وهبي، فقد أطلق أيضاً مشروع "فلنتوحد للتوحد – Autism Together". حيث سيجري علي في بلاد عربية كثيرة، حيث سيجري علي على مدار خمس سنوات متتالية لمساعدة وتبني علاج أطفال التوحد عبر المستشفيات والمؤسسات الاجتماعية. كانت البداية من لبنان، وستتبعها مصر ثم الإمارات، مروراً بالعديد غيرها. وقال علي: "سأكون سعيداً بالتعاون مع كل الدول التي ترغب بدعم هذا الهدف الإنساني، وسأكون على استعدادٍ لقضاء حياتي في دعم هؤلاء المرضى".

مهندس الإتصالات الذي أصبح عداءاً صحراوياً عالمياً همّش كل الحدود الجغرافية التي صادفت طريقه، ويختزن في جعبته مزيداً من التحديات أبرزها رحلةٌ من لبنان مروراً بسوريا والأردن ومنها إلى السعودية. وأخرى في مصر، والتي ينوي الجري فيها لنحو 500 كلم دعماً للحملة ذاتها.

واختتم وهبي: "ضحكة طفل بعد رحلة شاقّة هو ما أبحث عنه. أنا أبحث عن السعادة في نفوس الآخرين. أعتقد بأن الكثيرين ممن يشاركونني هذا الشغف يعرفون تماماً ما الذي أتحدث عنه".

Fastest crossing of Lebanon by foot