أسرع شخص يزور كل دول العالم ذات السيادة

يطمح معظم طلاب الجامعات بعمر الثانية والعشرين إلى قضاء وقتهم في بدء مشروعٍ جديد والشروع في حياتهم المهنية، إلا أن المواطنة الأمريكية تايلور ديمونبريون لديها مخططٌ مختلفٌ لمستقبلها.

اكتشفت تايلور، التي تحمل شهادة دبلومٍ في دراسات الاقتصاد والسياسة العامة من جامعة "فانديربيلت"، بأن أحلامها لا تتوافق تماماً مع مجال دراستها، وقررت عوضاً عن ذلك الشروع في مغامرة عمرها.

وعقب عام ونصف من ذلك القرار الملهم ، وبعد رؤيتها للأهرامات القديمة في مصر ومياه البحر الكاريبي الكريستالية، شدّت تايلور رحالها إلى كل زاوية من هذا الكوكب الواسع، لتصبح حاملة للرقم القياسي لأسرع شخص يزور كل دول العالم ذات السيادة (وذلك عن فئة كلا الجنسين ولفئة الإناث على حدٍ سواء) بعد أن قضت نحو عامٍ و189 يوماً في تلك المغامرة.

مصطلح جميع دول العالم ذات السيادة: يعني أن معايير الرقم القياسي تلزم زيارة 195 دولة – وهي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة حتى ديسمبر 2018 بالإضافة إلى دولتي الفاتيكان و تايبيه الصينية.

أضيف إنجازها إلى حملة اليوم العالمي لغينيس للأرقام القياسية 2019، اليوم الذي يحمل موضوع "روح المغامرة" ويدفع الناس لمحاولة كسر رقم قياسي يوم الخميس، الموافق 14 نوفمبر.

وشرحت تايلور: "بعد فترة التدريب الصيفية في سنتي الدراسية الأخيرة التي عقدت في نيويورك حول بورصة "وول ستريت"، توقفت قليلاً وقررت أنني لا أريد قضاء ما تبقى من حياتي بالقيام بشيءٍ لا أحبه".

وأضافت: "أنهيت فصلاً دراسياً في لندن استطعت خلاله زيارة 20 دولة. لقد أحببت السفر دائماً وأردت زيارة أكبر عددٍ من الدول. وفي يوم من الأيام، خطر لي أن أعمل في قطاع السفر، ليكون بإمكاني زيارة كل دول العالم وإلهام الآخرين للسفر على حدٍ سواء".

وخلال فصلها الدراسي الأخير في الجامعة، قررت تايلور زيارة كل دول العالم.

ولم يمضِ وقتٌ طويل قبل أن تصادف تايلور الرقم القياسي الذي تحمله كاسي ديبيكول من العام 2018 الذي يقع عند عامٍ كامل و 194 يوماً، ما ألهمها للقيام بالمحاولة.

الصين

ولعل ما دفع تايلور لكسر هذا الرقم القياسي الصعب، هو هدفها لتحفيز كل نساء العالم على السفر بمفردهن.

"على النساء الأصغر سناً زيارة أكبر مساحة ممكنةٍ من العالم. أؤمن بأن السفر يساهم بشكل رئيسي في توسيع نظرة الأشخاص إلى العالم. لذا أجد أنه من الضروري بأن يتعلم الإنسان عن العالم الذي يعيش فيه".

وفي مطلع يونيو من العام 2017، عقب أسبوعين فقط من تخرّجها، بدأت تايلور ما يمكن القول بأنها ستكون أهم مغامرة تخوضها في حياتها.

بدأت رحلتها حول العالم، التي كانت تسابق فيها الوقت، من جزر الكاريبي وأجزاءٍ من أمريكا اللاتينية لكونهما أسهل المناطق وصولاً من موطنها الأم في الولايات المتحدة الأمريكية.

البيرو

وعلى مدار السنتين التاليتين، تخلت تايلور عن منزلها في مدينة نورث بورت في ولاية ألاباما الأمريكية لتعيش مع عمتها في مدينة دالاس في ولاية تيكساس لكون المنطقة محطة محورية لرحلات الطيران الدولية من وإلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من أن التخطيط لرحلة العمر لا يدفع الإنسان للتوتر مطلقاً، إلا أن عملية استصدار تأشيرات الدخول كادت أن تحول دون محاولة كسر الرقم القياسي.

لوكسمبورغ

"وقالت: "كان من السهل وضع مخططٍ متكامل بالأماكن والجدول الزمني لزيارة معالمها، إلا أنه لم يكن لدي أي سيطرة على عملية استصدار التأشيرات اللازمة. فإذا رغبت إحدى السفارات بإبقاء جواز سفري لأشهر فسيكون بإمكانهم فعل ذلك ببساطة ولم بيدي حيلة تجاه ذلك. ولحسن الحظ، استطعت الحصول على معظم تأشيرات سفري في وقت مناسب إلا أنني عانيت في الوقت ذاته بحجم العمل المترتب على استصدارها".

أملى عليها توقيت استصدار التأشيرات في رسم طريق رحلتها، ولهذا السبب توجهت إلى أوروبا والشرق الأوسط في الجزء التالي من رحلتها.

اليابان

وسط العديد من المدن والرحلات الجوية التي نقلتها إلى جميع أنحاء العالم (باستخدام إجمالي ل 114 شركة طيران ) ، كانت تايلور تقضي نحو بضعة أيام فقط في كل دولة ولكنها خلّدت ذكريات لا تنسى على مدار الرحلة.

وتعزو تايلور التجارب التي استفادت منها أكثر إلى لطافة الأشخاص الذين قابلتهم، وقد حددت من تلك التجارب من قابلتهم في مدينة كيش الإيرانية.

إيران

"قضيت اليوم برحلة تعريفية من الأشخاص الذين استقبلوني قبل أن تتم دعوتي للعشاء لدى أصدقائهم ذلك المساء. كانت ليلة عامرة بالضحك والغناء والرقص، ناهيك عن الاستعانة بالمترجمين وخدمة الترجمة من جوجل للتواصل مع الحاضرين. لقد بددت لي تلك الأمسية كل أحكامي التخيلية المسبقة عن شعب إيران".

موناكو

شهدت تايلور خلال رحلتها مصائب هائلة، وقد اضطرّت إلى تغيير مخطط الرحلة بسبب بعض الحالات العائلية الطارئة.

وقالت: "دخل كلا والدي في حالات طارئة إلى المستشفى خلال أوقات متفاوتة من رحلتي، وكان عليّ بلا أدنى شك أن أتعامل مع هذه الحالات بأفضل ما استطعت. وقد تعافى كلاهما الآن وباتا بصحّة جيدة، إلا أنني أهدرت نحو شهرين من رقمي القياسي في المنزل للإعتناء بوالدتي".

وأضافت: "تعرض والدي أيضاً لنوبة قلبية أثناء تواجدي في وسط القارة الافريقية، واضطررت إلى العودة إلى المنزل بأسرع وقت ممكن، إلى أن تعافى سريعاً بشكل مذهل".

يشار إلى أن تايلور واجهت مخاوفاً لطالما عانت فيها خلال حياتها مثل القلق الاجتماعي وذلك إلى أن اندمجت في مدنٍ مليئة بأناس لم تقابلهم من قبل يستعملون لغات لم تكن قادرة على التحدث بها.

الأردن

ولأن هذه المغامرة صعبة بدون التواصل مع الآخرين، باتت رهبة الحوار مع الغرباء أيسر بالنسبة لها وتعاملت معهم بإنسانيتهم وكرمهم.

"لاحظت لطافة الناس وتعاونهم في كل دول العالم، وأصبحت أكثر قدرة على التواصل والتحدث مع الآخرين. ولذلك، عندما أقول بأن هذه الرحلة غيّرت حياتي فإنني أعني بذلك أكثر بكثير مما يبدو الأمر عليه. لقد تطوّرت كثيراً وأصبحت مرتاحةً أكثر في التعامل مع الناس".

زيمبابوي

لقد جعل السفر الانفرادي لأسابيع في بعض الأحيان الشعور بالقلق يتسلل إلى داخل تايلور خوفاً من عدم كسر الرقم القياسي في الوقت المناسب.

وعلى الرغم من هذا الخوف، لم يكن لأي شيءٍ أن يقف في طريقها حتى وصولها إلى وجهتها النهائية في كندا، وذلك يوم السابع من ديسمبر من العام 2018، حين احتفلت بنهاية رحلتها الاستكشافية مع الأصدقاء والعائلة.

تايلور ديمونبريون في ليبيا

وقالت: "كان لأمي فضلٌ كبير طوال حياتي، فلطالما آمنت بي وكانت الداعم الأول برغم كل الظروف".

وأضافت: "كنت قبل أسابيع قليلة في منزل العائلة أتصفح بعض مقتنيات الطفولة ووجدت مذكّرة من الصف الثاني وقد دوّن عليها السؤال ذاته، وكان جوابي أيضاً كم ساهمت أمي في بناء شخصيتي. لقد كان جوابي بأن أمي هي قدوتي لأنها ‘دائماً ما كانت تقولي لي بأنني أستطيع تحقيق أي انجاز وأي شيء يمكن للأولاد القيام به".

وأضافت: "لقد أحسست بهذا التشجيع طوال حياتي وهو ما ساعدني على الإيمان بقدرتي على تحقيق أي أقرره".

ميانمار

وعلى الرغم من أن تايلور حددت وجهتيها المفضلتين وهما آيسلاندا وسنغافورة، إلا أن ذلك لم يمنعها من متابعة العمل في قطاع السفر وزيارة الدول التي كانت فيها من قبل مجدداً.

وبعد كسرها رقم غينيس للأرقام القياسية، تسعى تايلور إلى متابعة شغفها، وكتابة كتاب عن تجاربها، والذهاب إلى

مع حيوانات اللاما في نيوزيلاندا

وقالت: "أهم ما اكتسبته خلال هذه التجربة هو معرفة مدى تشابه الناس حول العالم. وأؤكد على ذلك كثيراً لإدراكي لمدى أهمية معرفة وفهم الجميع لذلك. لقد ولد الكثير منا في ظروفٍ مناسبة، إلا أن العديد غيرنا لم يولدوا ظروفٍ مشابهة. وليس لدنا أدنى سلطة على تغيير ذلك، ولكننا بالتأكيد نمتلك قدرة على ممارسة حياتنا بالكيفية التي نريد.

كل الذين قابلتهم حول العالم كانوا لطفاء وفي غاية الكرم. لقد ذُهلت برؤية أشخاصٍ لا يمتلكون إلا القليل ولكنهم على استعداد لمشاركة ما يملكون، حتى وإن كان ما يشاركوه هو حديثٌ لا أكثر.

جزيرة سانت لوسيا

"يسعى الجميع لإيجادِ موطنٍ يحظى فيه بالأمان مع عائلته. قد نبدو مختلفين قليلاً بالشكل، وباللغة التي نتحدثها، أو العقيدة التي نتبعها، إلا أننا نتشارك الرغبة بالحصول على ذات القيم الأساسية والحريات والأمان".

The Pyramids, Egypt